القهوة الإثيوبية والبن الإثيوبي مع التوابل على خلفية بيضاء.

تعد إثيوبيا من خامس الدول المنتجة للقهوة على مستوى العالم، ويعمل في زراعة وتحضير القهوة الإثيوبية حوالي 15 مليون فرد مقابل دولار واحد لكل يوم عمل، ويعتبر المزارعون في أثيوبيا حبوب القهوة الإثيوبية، ومحصول البن هو شجرة الحياة بالنسبة لهم. وقد قامت إثيوبيا بتصدير 206 ألف و654 طن من البن الإثيوبي العام الماضي بعائدات اقتربت من 900 مليون دولار، وهناك شركات تحتكر شراء كميات ضخمة من القهوة الإثيوبية منها ستارباكس والتي وقعت عقد في هذا الصدد تصل مدته لـ40 عاما، ويرجح المؤرخون أن أجداد قبيلة الأورمو في أثيوبيا كانوا أول من اكتشفوا حبوب القهوة وتعرفوا على فوائدها.

القهوة الإثيوبية واكتشاف القهوة

تشير أغلب الروايات إلى أن القهوة الإثيوبية تعد أول قهوة مكتشفة، كما أن اكتشاف القهوة كان على يد راعي أغنام من قبيلة “الأورومو”، الذي توصل للأثر المنشط لنبات حبوب القهوة. ولاحظ الراعي في إحدى هضاب إثيوبيا أن قطيع الماعز يقفز بنشاط غير معهود ويتسلق الصخور بسرعة غير مألوفة، كلما أكلت من ثمار شجيرات القهوة، فبادر إلى تذّوقها وشعر بعدها بحيوية زائدة وطاقة قوية لم يعهدها من قبل.

القهوة الإثيوبية في التراث الشعبي الإثيوبي

وتحظى القهوة الإثيوبية بالإقبال الشعبي، وتدخل في الكثير من التقاليد والمناسبات الفلكلورية، فسواء في أكواخ القرى النائية أو في المقاهي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ثمة طقوس خاصة لتناول القهوة يحافظ عليها الإثيوبيون في جميع ربوع البلاد، وتعد جلسات القهوة ملتقى للتواصل الاجتماعي ورمزا لكرم الضيافة.

وفي إثيوبيا يعتمد السكان على طقوس خاصة لتحضير القهوة، بحيث توضع حبوب البن على طبق من الفخار لتجف في الشمس، ثم تُغسل وتُحمص في آنية مسطحة من الحديد على النار باستخدام الحطب أو الفحم. ثم تُمرر الآنية الساخنة على الضيوف لاستنشاق رائحة البن الأخاذة، بعدها تُطحن حبوب القهوة بمدق يدوي وتوضع في إبريق القهوة الإثيوبي التقليدي.

زراعة القهوة الإثيوبية

وليستمتع الضيوف برائحة القهوة الإثيوبية يوضع البخور في الجلسات لتمتزج رائحته مع دخان تحميص القهوة، كما يحرص الكثير من الإثيوبيين عند إقامة جلسات تناول القهوة في المدن على فرش الأرض بالحشائش أو القش، لاستحضار ذكريات الحياة في القرية. وتستغرق طقوس تناول القهوة وقتا طويلا وتتطلب مجهودا كبيرا وفي المجالس يتبادل الضيوف والمضيفون أطراف الحديث عن الأمور اليومية.

أشهر شركات البن الإثيوبي

الذي يتجول في المدن الإثيوبية وخاصة العاصمة أديس أبابا يلاحظ كثرة متاجر القهوة التي تبيع المشروع الأول في عبوات جاهزة، وتتنافس الشركات البن الإثيوبي في اجتذاب الزبائن من داخل البلاد وخارجها؛ وغالبًا ما تضم هذه المتاجر ركنًا لتناول القهوة الطازجة قد يكون الركن كبيرًا أو صغيرًا على حسب حجم المتجر لكنه ضروري بطبيعة الحال ربما لتأكيد جودة البن للزبائن وللمساهمة كذلك في تقليل تكلفة استئجار المكان والإيفاء بالتزامات العاملين فيه.

ويمكن تقسيم البن العالمي إلى نوعين أساسيين، هما أرابيكا وروبوستا، وتكمن الفوارق الأساسية بينهما في الطعم وأماكن الزراعة والسعر، وتستحوذ إثيوبيا على حصة كبرى من إنتاج بن الأرابيكا، فهي تحتل المركز الخامس في هذا الصدد واحتكرت شركات عالمية حق شراء البن الإثيوبي بكميات كبيرة كما أتى بيان ذلك بالتفصيل سابقا.

زراعة القهوة الإثيوبية

تعد “كافا” من الأماكن المعزولة المخصصة لحماية غابات القهوة الإثيوبية، حيث تنمو الأشجار بطريقة طبيعية دون تدخل من أحد، وتعد هذه الغابة التي تنمو على مرتفعات شاهقة هي البيئة المثالية لزراعة أجود أنواع البن الإثيوبي.

البن الإثيوبي

فضلا عن أن ثمار القهوة الإثيوبية التي تسقط من أشجارها البرية تصبح بذورا تنبت وتنمو إلى أعلى من تلقاء نفسها، وهذه الظاهرة تعد فريدة من نوعها.

واكتُشف أكثر من 5 آلاف نوع من البن في الغابات المطيرة بمنطقة “كافا”، لكن غابة “مانكيرا” بالمنطقة، شأنها كشأن الكثير من الغابات الأخرى حول العالم، معرضة للانقراض، وذكر تقرير لمنظمة اليونسكو أن الغابات كانت تغطي منذ 40 عاما مضت نحو 40٪ من الأراضي الإثيوبية، والآن تقلّصت مساحتها ولم تعد تغطي إلا ٣٪ فقط من الأراضي الإثيوبية.

أكبر شركات البن الإثيوبي:

هناك العديد من الشركات المتخصصة في زراعة وتجهيز البن الإثيوبي والتي يقع مقرها في إثيوبيا، ومن أشهر هذه الشركات نذكر:

توموكا (Tomoca):

واحدة من أشهر شركات إنتاج البن الإثيوبي، قهوتها داكنة سوداء عالية الجودة من نوع البن الهرري “نسبة إلى مدينة هرر”، وهي قهوة 100% من نوع أرابيكا، وتُعبأ في أكياس سعة 500 جم أو كيلوجرام، ويمكن العثور عليها في متاجر الشركة المنتشرة في العاصمة أديس أبابا وفي الولايات أو في السوبر ماركت ومحلات التجزئة، وللموجودين خارج إثيوبيا يمكنهم طلبها عن طريق موقع التجارة العالمي “أمازون”.

أبيسينيا (Abissinya)

وهي كلمة لاتينية تعني الحبشة؛ لذا أُطلقت على العديد من المحال التجارية والشركات ومن بينها هذه الشركة الشهيرة حيث يأتي الزبائن إلى متاجرها للاستمتاع بالمشروبات المفضلة التي يتم تقديمها مع الخدمة المتميزة في بيئة مريحة وودية، فمقاهي أبيسينيا توفر أماكن دافئة وجذابة حيث يمكن للجميع قضاء أوقاتهم والاسترخاء وتذوق أفضل أنواع القهوة والشاي أيضًا، ولدى الشركة خط إنتاج عالمي تصدر منه البن المحمص الجاهز إلى شتى أنحاء العالم.

مانكيرا (Mankira):

واحدة من الشركات التي تمتلك وجودًا قويًا في الداخل الإثيوبي، فمتجرها الذي يقع في منطقة بياسّا التاريخية يعد من معالم المنطقة الشهيرة، وعُرفت مانكيرا بمنتجاتها ذات الأسعار المنخفضة نسبيًا مقارنة بالشركات الأخرى لذلك تعد محلاتها ومقاهيها الملاذ المفضل للطلاب وغيرهم من ذوي الطبقات المتوسطة، ولديها كذلك خط إنتاج تصديري إلى خارج البلاد.

ترابوكّا (Trabocca):

تتميز بأنها تعمل جنبًا إلى جنب مع المزارعين والتعاونيات والمصدرين لتوفير القهوة الإثيوبية عالية الجودة والقابلة للقياس إلى المحامص في جميع أنحاء العالم، أي أنها تركز على التصدير وليس لديها متاجر محلية حتى الآن، إذ تُعرّف نفسها بالقول “نحن حريصين على تحسين سلسلة التوريد بأكملها من خلال إقامة علاقات وثيقة بين المزارعين والمحامص”.

Cerealia:

وهي كذلك واحدة من الشركات الكبرى المتخصصة في تصدير وتسويق البن الإثيوبي من نوع أرابيكا إلى أسواق أوروبا ومختلف أنحاء العالم، وتعمل الشركة على خدمة السوق بمنتجات ذات جودة عالية، مستخدمة التقنية العالية والتكنولوجيا الحديثة لتلبية احتياجات عملائها وموظفيها والمساهمين وأصحاب المصلحة الآخرين.

كالدي.. النسخة الإثيوبية من سلسلة ستاربكس الأمريكية

كما ذكرنا فإن القهوة هي المشروب الأول في إثيوبيا والمفضل لكل مكونات الشعوب الإثيوبية وللسياح الذين يزورون إثيوبيا باستمرار، مهما كانت دياناتهم ومعتقداتهم الفكرية واتجاهاتهم السياسية، فقراء كانوا أم أغنياء، فـ”القهوة” أشبه ما تكون بإكسير الحياة للإثيوبيين ولا يبدأ اليوم إلا بتناولها في الصباح الباكر وعند الوصول إلى العمل وبعد الظهر في المنزل بالجلسة التي سبق لنا وصفها، وفي الأمسيات تحلو جلسات القهوة للصغار والعشّاق من الشباب.

البن الإثيوبي

وتعتبر سلسلة متاجر “كالدي”، هي بديل “ستاربكس” الأمريكية في الداخل الإثيوبي من حيث الانتشار والجودة، فحيثما توجهت ببصرك تجد أمامك أحد محلات “كالدي” التي يفضلها الناس على الدوام، وتمثل ملتقى ثابتًا لكل فئات المجتمع والزوار الأجانب.

ولا تحصر مجموعة كالدي خدماتها في القهوة فقط فهي تقدم كل المشروبات الساخنة الأخرى من الشاي والشوكولاتة الساخنة والكابتشينو وغيرها، ومع ذلك تعد المقاهي التقليدية الأكثر انتشارًا وجذبًا للزبائن لرخص سعر القهوة هناك ولأن البن الموجود فيها طازج ومتجدد، إلى جانب تقديمه في الهواء الطلق وليس في أماكن مغلقة كالمقاهي الحديثة المفضلة لمحبي الهدوء ولفئة العشّاق من الشباب.

مواضيع ذات صلة