تتعدد وجهات النظر حول القهوة وفوائدها ومضارها على الصحة، ومن الملفت للنظر أن مواضيع القهوة ومنظمة الصحة العالمية وتقاريرها حول الأمر يختلف من عام لآخر. هل تعلم أن منظمة الصحة العالمية كانت قد صنفت القهوة على أنها مادة غذائية “مسببة للسرطان”؟
في عام 2016 أعلنت منظمة الصحة العالمية أن القهوة ليست مادة مسرطنة. يأتي هذا الإعلان بعد أن توتر في العلاقات بين القهوة ومنطمة الصحة. حيث صنفت المنظمة القهوة على أنها “من المحتمل أن تكون مسرطنة للإنسان” في عام 1991. وهذا يعني أن عقودًا من البحث لم تجد رابطًا نهائيًا بين القهوة وخطر الإصابة بمرض السرطان، الأمر الذي كان مثيرًا للجدل طوال السنوات الماضية. المشروب الجديد الذي اقترحته منظمة الصحة العالمية هو مشروب القهوة منزوعة الكافيين، ولكنها تحتوي أيضًا على كميات صغيرة من الكافيين، وهو ما سيمكنك من الاستمتاع بكوب القهوة المفضل لديك دون القلق بشأن صحتك!
القهوة ومنظمة الصحة العالمية
كما نعلم جميعاً، فالقهوة مشروب يستمتع به كثير من الناس كل يوم في جميع أنحاء العالم. لقد كانت موجودة منذ قرون وتتواجد في الكثير من الحضارات والثقافات. وبالنسبة للعديد من الأشخاص حول العالم، فإن القهوة ليست مجرد مشروب يستهلكونه كل يوم، بل هي أسلوب حياة. حيث يمكن استهلاك القهوة في أي مكان وفي أي وقت وبالعديد من الطرق المختلفة.
في عام 1991، أصدرت منظمة الصحة العالمية أول مبادئ توجيهية لاستهلاك القهوة. وتضمنت نصيحة منظمة الصحة العالمية في ذلك الوقت أنه: “ينبغي الحد من تناول القهوة أو المشروبات المحتوية على الكافيين يوميًا، بناءً على التوصية التي تقضي بعدم تناول البالغين أكثر من ثلاثة أكواب يوميًا”. وللإشارة، تحتوي قهوة ستاربكس غراندي المتوسطة على أربعة أكواب من القهوة تقريباً. وفي هذا الإطار أجريت بعض الدراسات التي لخصت ما يلي:
- كان الناس يشربون الكثير من الكافيين دون أن يعرفوا ذلك (وفقًا لدراسة أجرتها مؤسسة النوم الوطنية)
- لا يأخذ في الاعتبار عوامل أخرى مثل الوراثة والعمر عند تحديد مدى ضرر بعض المواد على صحة الأفراد.
ومنذ ذلك الحين، ظلت القهوة مرتبطة بشبح الإصابة بالسرطان حتى عام 2016، حيث عاد الوفاق بين القهوة ومنظمة الصحة العالمية. لتتراجع المنظمة عن قراراتها السابقة بشأن القهوة، وأعلنت أنها “لم تعد مادة مسرطنة محتملة”.
في الواقع، لقد أصدرت المنظمة بيانًا رسميًا في عام 2016 جاء فيه أن “شرب القهوة لا يسبب السرطان”. وكان هذا هو الخبر الأروع بالنسبة لعشاق القهوة بأنواعها المختلفة. خصوصاً أولئك الذين يفضلونها في الصباح. ولكن يبقى السؤال الأهم، لماذا حدث هذا التغيير؟. في الحقيقة، جاء هذا الإعلان بعد أن أخذت المزيد من المنظمات في الاعتبار دراسات بحثية أخرى ووجدت أنه لا يوجد دليل قاطع يربط القهوة بمخاطر الإصابة بالسرطان. لذلك إذا كنت تستمتع بجرعتك اليومية من مشروب القهوة فلا تقلق بشأن أي مخاطر، فهي لا تزال آمنة!
القهوة ومنظمة الصحة العالمية؛ ماهو الرأي الحالي للمنظمة؟
كما سبق وذكرنا، فقد قامت منظمة الصحة العالمية بمراجعة توصياتها بشأن القهوة في السنوات القليلة الماضية، وهي الآن أكثر تحديدًا. حيث توصي المنظمة بما لا يزيد عن فنجانين من القهوة يوميًا للبالغين، على أن يقتصر الكوب الواحد على 200 ملليجرام من الكافيين. حيث يستخدم الإسبريسو مقابل القهوة المقطرة العادية كميات مختلفة من الحبوب. بالإضافة الى ذلك توصي منظمة الصحة العالمية الناس ببعض الإرشادات المتعلقة بالمياه المستخدمة ودرجة غليانها تجنباً لأي مخاطر صحية يمكن أن يسببها تلوث المياه.
أما بالنسبة للنساء الحوامل أو الذين يعانون من بعض الأمراض القلبية، فيجب ألا تتجاوز هذه الكمية 150 مجم في اليوم. هذا أقل بكثير من الإرشادات السابقة التي أشارت إلى أن ثلاثة إلى أربعة أكواب كانت آمنة يوميًا كجزء من نظام غذائي صحي. ومع ذلك، يمكن أن تختلف هذه الأرقام اعتمادًا على كيفية شرب القهوة وكميتها.
القهوة ومنظمة الصحة العالمية؛ فوائد موثوقة
بعد تحسّن العلاقة بين القهوة ومنظمة الصحة العالمية، أوردت المنظمة العديد من الفوائد التي قد تمنحها القهوة لكل شاربيها، ويمكننا تلخيص أهم هذه الفوائد فيما يلي:
- تحتوي القهوة على مضادات الأكسدة التي تساعد على إزالة السموم من الجسم. وبالتالي يمكن للقهوة أن تقلل من هذا الخطر بشكل كبير.
- تشير العديد من الدراسات إلى أن أجسادنا تحتاج إلى الكثير من السوائل كل يوم بشكل منتظم، وبالتالي يمكن أن تساعد القهوة على الترطيب من خلال توفير سوائل إضافية في نظامك الغذائي دون إضافة الكثير من السعرات الحرارية أو السكريات مما يجعلها مثالية لفقدان الوزن!
- يمنع الكافيين مستقبلات الأدينوزين لذا فإن شرب القهوة سيوفر لك دفعة من الطاقة مع منع الشعور بالنعاس أثناء اليوم، مما يمكنك من أداء مهامك بشكل أفضل.
- توفر القهوة أيضًا مجموعة من المعادن المهمة للجسم مثل الحديد والنياسين وحمض الفوليك، وتعتبر جميع هذه العناصر الغذائية أساسية ولازمة في مختلف مراحل حياتنا.
- تعمل القهوة على تحسين الصفاء العقلي والحالة المزاجية تمامًا كما يفعل الشاي.
- تحتوي القهوة على العديد من المواد المفيدة مثل مضادات الأكسدة وحمض الكلوروجينيك، وقد يكون لهذه المركبات تأثيرات إيجابية على القلب والأوعية الدموية من خلال منع الضرر التأكسدي في الخلايا المبطنة لتلك الأعضاء. وتشير أغلب الدراسات إلى أن شرب القهوة بانتظام يساعدك على تقليل مخاطر الإصابة بمرض الشريان التاجي أو السكتة الدماغية.
- يمكن أن تمنحك القهوة أيضًا شعورًا باليقظة، وقد يكون هذا مفيداً للأشخاص الذين يعملون لساعات طويلة خارج المنزل أو يعانون من مشاكل النوم ليلاً. بالإضافة إلى ذلك، تشير بعض الدراسات إلى أن الكافيين يمكن أن يحسن الأداء في المهام التي تتطلب اهتمامًا مستمرًا مثل القيادة.
- للقهوة العديد من الفوائد التي تعتبر مهمة مثل تقليل مخاطر الإصابة بمرض باركنسون بنسبة 50٪. فائدة أخرى هي أنها تقي من الاكتئاب. كما أن الكافيين يساعد الناس على محاربة التوتر بالإضافة إلى زيادة القدرة على التحمل أثناء التمرين بسبب تحسين تدفق الدم وتنظيم مستوى الطاقة.
القهوة الخالية من الكافيين.. فوائد هامة!
أثبتت الدراسات العلمية أن القهوة تساهم في العديد من الفوائد على صحة الجسم والدماغ، وأوجدت الأبحاث القهوة منزوعة الكافيين كبديل عن القهوة العادية في بعض الحالات. لتَصدُر بعدها العديد من التقارير التي غيرت المفاهيم المرتبطة بالقهوة ومنظمة الصحة العالمية. فحسب إرشادات المنظمة فقد أشارت إلى إمكانية الاعتماد على القهوة الخالية للكافيين التي توفر العديد من المميزات والفوائد مثل:
- تعتبر القهوة الخالية من الكافيين بديلاً جيدًا للأشخاص الذين يعانون من حساسية تجاه الكافيين أو يرغبون في تجنبه
- كما تحتوي القهوة الخالية من الكافيين على نفس مضادات الأكسدة الموجودة في القهوة المحتوية على الكافيين، إن لم يكن أكثر.
- في الواقع، هناك بعض الأدلة على أن تحميص حبوب القهوة يطلق مركبات مضادة للأكسدة، وتشير الأبحاث إلى أن هذه الحبوب المحمصة تحتوي على مستويات أعلى من البوليفينول مقارنة بتلك النيئة.
- تزيد عملية إزالة الكافيين أيضًا من محتوى البوليفينول في المنتج النهائي لأن المواد الكيميائية المستخدمة في إزالة الكافيين تترك وراءها آثارًا لمواد أخرى مثل البورون التي تعمل كمواد حافظة طبيعية
انطلاقاً مما سبق، ومن خلال الأبحاث العلمية حول مضار وفوائد القهوة التي غيرت الكثير من المفاهيم المتعلقة بالقهوة ومنظمة الصحة العالمية، جعلتنا ندرك أن للقهوة العديد من الفوائد الصحية بشرط تناولها بشكل معتدل، مما يمكنك من الاستفادة منها على الوجه الأمثل.