القهوة مشروب شائع في جميع أنحاء العالم، وقد أصبحت في المملكة العربية السعودية جزءًا مهمًا من ثقافتهم. بدأت زراعة البن في السعودية أوائل القرن التاسع عشر عندما تم التعرف على هذا المشروب بسبب التجار القادمون من اليمن الذين كانوا يمارسون التجارة في السعودية للحصول على بضائع مثل المنسوجات والتوابل والجلود.
أهمية زراعة البن في السعودية
تعتبر زراعة البن في السعودية من الجوانب المهمة في عملية الإنتاج والاستهلاك. يمكن أن تتم الزراعة على نطاق صغير أو كبير، اعتمادًا على الحجم المطلوب للمنتج. تساعد الزراعة أيضًا في توفير فرصة للمزارعين للعمل معًا والمشاركة في التجارة الدولية. الغرض من هذه الورقة هو استكشاف كيفية تطور زراعة البن في السعودية بمرور الوقت، على الصعيدين المحلي والدولي، بالإضافة إلى آثارها على النمو الاقتصادي والتنمية محليًا داخل المملكة.
ما هي أشهر أنواع القهوة في المملكة العربية السعودية؟
حبوب أرابيكا هي أشهر أنواع القهوة في المملكة العربية السعودية. في الواقع، يشكلون حوالي 60٪ من إجمالي القهوة المنتجة كل عام حول العالم! تحتوي هذه الحبوب على نسبة عالية من الكافيين ونكهة حمضية متوازنة مع رائحة حلوة. يمكن أن تنتج نباتات أرابيكا في أي مكان من 2 إلى 6 كرزات لكل نبات، وعادةً ما ينتج كرز واحد بذرتين فقط. ويعتبر مزارعو البن في السعودية أن هذه الأصناف أحادية البذور تمثل بعضًا من أفضل أنواع القهوة المتوفرة على وجه الأرض.
تزرع حبوب القهوة في الغالب باليد مثل معظم المحاصيل الأخرى. يقوم المزارعون عادةً بزرع شتلة على فترات زمنية تؤدي إلى حصاد مرة كل ثلاث إلى أربع سنوات على قطع صغيرة تسمى “فينكاس”. قد تستغرق زراعة نباتات البن ما يصل إلى خمس أو ست سنوات قبل أن تبدأ في إنتاج الزهور والبذور التي تكون جاهزة للحصاد.
ثم يتم تجفيف حبوب القهوة الناضجة إما في أفنية كبيرة بجانب الجبال حيث يسهل العثور على النسائم الجيدة؛ بالقرب من النوافذ المفتوحة في الداخل مع حماية كافية من الحرارة حتى لا تحتاج إلى تكييف الهواء.
زراعة البن في السعودية.. هدف قومي
قبل وقت وجيز كان عدد أشجار البن في جازان لا يزيد عن 70 ألف شجرة، وتُسهم بـ 1.4 % فقط في سوق البن في المملكة، ولكن تم إنشاء مشروع تنموي لتشجيع زراعة البن في جبال جازان ليصعد الرقم إلى مستويات قياسية، ليستفيد من زراعة البن أكثر من 500 مُزارع، ويسعى المشروع التنموي بالتعاون مع مجموعة من الجمعيات الخيرية وهيئات تطوير وتعمير المناطق الجبلية إلى توفير جميع ما تحتاجه المزارع من معدات وأدوات، وتدريب المزارعين على أحدث طرق استزراع القهوة، والاستفادة من فرص نمو هذه الصناعة في منطقة جازان، وزيادة إسهاماتها في سوق القهوة بالمملكة، وتصدير العائض عالمياً.
وتأتي مبادرة أرامكو ضمن الاهتمام المستمر بزراعة البن في جبال جازان، حيث يحظى البن «الخولاني» الذي تشتهر به المنطقة باهتمام متزايد، وقد انطلقت المبادرة في مرحلتها الأولى بأهداف متعددة تتمثل في دراسة إحصائية لواقع زراعة البن في جبال جازان، ورفع مستوى الوعي للمزارعين وكفاءتهم والعناية به لزيادة نسبة الإنتاج، وتزويد المزارعين بخزانات المياه اللازمة للزراعة، وهي العقبة التي كانت تمنع الزراعة خلال السنوات الماضية، نظرًا لشح المياه وصعوبة وصولها للمناطق الجبلية المرتفعة.
كما يتم الاهتمام بزراعة ورعاية الأشجار خلال جميع مراحل الإنتاج، وهو ما يؤدي إلى زيادة في الإنتاج المحلي من البن ومن ثم خفض تكاليف الاستيراد ورفع مستوى المعيشة لمزارعي البن وأسرهم، وإعادة مزارعي البن الذين ابتعدوا عن أراضيهم، وتنمية تلك الأراضي وتطويرها.
مزارع “جازان”.. مستقبل زراعة البن في السعودية
وتشتهر منطقة جازان بزراعة البن حيث تنتشر في المرتفعات الجبلية منها، ويبلغ عدد مزارع البن في منطقة جازان أكثر من 800 مزرعة في محافظات القطاع الجبلي الداير بني مالك، وفيفاء، والعيدابي، وهروب، والرّيث، والعارضة، منهم 563 مزارعًا في محافظة الداير بني مالك، ويبلغ عدد الأشجار في الداير بني مالك أكثر من 40 ألف شجرة بن وتحتضن مهرجانًا سنويًا لتسويق منتجاته.
وتشهد زراعة البن في السعودية إقبالاً متزايداً من الأهالي وخاصة ً في جبال منطقة جازان (جنوب السعودية)، وهو إرث متأصل بين أبناء المحافظات الجبلية بالمنطقة، وتعد محافظة الداير أحد مواقع انتشار “البن الخولاني” الذي يعد من أندر وأغلى أنواع البن في العالم، وتعتلي مزارعها قمم الجبال.
حيث تحتضن المنطقة ما يقارب من خمسة آلاف شجرة بُن، زرعت منذ عشرات السنين، وتُسقى بطرق طبيعية عبر مجرى مياه الأمطار والسيول في الوادي، حيث تنتشر أشجار البن على السفوح وبين الجبال وعلى ارتفاعات يُقدرها المزارعون اختصاصاً بنحو 800 متر عن سطح البحر.
بالإضافة إلى أنه تم إنشاء مصنع للبن وتحويل 60 مزرعة بن نموذجية مصحوبة بتمكين الكوادر الوطنية المؤهلة، مع دخول البن ضمن مشاريع الصندوق الدولي للتنمية الزراعية كأول مشاريع الصندوق في المملكة العربية السعودية وهو مشروع تنمية سلاسل القيمة للبن في منطقة جازان.
كما تم إنشاء وحدة أبحاث للبن، بمركز الأبحاث الزراعية في جازان، وتعد هذه المنطقة هي الأولى من نوعها، حيث جاءت الموافقة على استحداثها لنجاح منطقة جازان في زراعة البن،
وتوجد العديد من مزارع البن في السعودية، والتي يعود تاريخها إلى أكثر من 600 عام، حيث توارثتها الأجيال بالرعاية والعناية، وتوجد بعض المزارع في المملكة التي تنتج بمفردها ما يقارب 5 أطنان سنوياً من “البن الخولاني“، ويحرص المزارعون في مختلف المزارع المتخصصة في زراعة حبوب القهوة على تعليم أبنائهم زراعة أشجار البن مع تعليمهم أنواع الحبوب المختلفة؛ وذلك حرصاً على استمرار زراعتها وإثمارها؛ مما أسهم في زيادة عدد أشجار البن في المحافظة لتصل إلى أكثر من54 ألف شجرة بن، وبلغ عدد المزارعين أكثر من 500 مزارع بن في محافظة “الداير” وحدها.
ويشير الكثير من المزارعين إلى أن شجرة القهوة تبدأ في الإثمار بعد نحو ثلاث سنوات من زراعتها، وتحتاج بعدها إلى نحو ستة أشهر لتتحول الزهرة البيضاء خلالها إلى حبة، ثم تكتسي اللون الأحمر الداكن تدريجياً إيذاناً بموعد قطافها، حيث يحمل المزارعون السلالم لاعتلاء الأشجار وصولاً للثمار البعيدة في أعلى الشجرة، وحينها تبدأ عملية قطف الثمار.
انطلاقاً مما سبق، ندرك أن زراعة البن في السعودية ليست مجرد عملية روتينية، إنها تحظى بالكثير من الاهتمام من طرف الدولة والمزارعين على حد سواء، وهو ما يجعل منها زراعة واعدة وتشهد تطوراً بشكل مستمر.