منظر لغابة استوائية مورقة مع قهوة يمنية مدهشة.

تعد زراعة البن في منطقة البن اليمنية تقليدًا قديمًا منذ قرون. تزرع حبوب البن في المناطق الجبلية ذات الارتفاعات العالية، وكان استهلاك القهوة مهمًا للثقافة اليمنية لسنوات عديدة. وتزدهر نباتات القهوة اليمنية على ارتفاعات عالية لأن أشجار البن لديها آليات تكيف خاصة تسمح لها بالنمو جيدًا بجوار الشجرة الأم مع عدم التنافس على الموارد أو سرقة المياه منها. وكثير من الناس لا يدركون أن اليمن تنتج واحدة من أفضل أنواع القهوة في العالم اليوم. فازت حبوب البن المزروعة هناك بالعديد من الجوائز لنكهتها الفريدة ورائحتها. زراعة البن لها جذور عميقة في الثقافة اليمنية. تم تقديم القهوة لأول مرة من قبل التجار من الهند الذين كانوا يبحرون على طول الشواطئ العربية منذ قرون في طريقهم إلى عدن.

في الوقت الحاضر، أصبح إنتاج البن مهددًا بعدد من العوامل بما في ذلك تغير المناخ والجفاف وتآكل التربة مما يؤدي إلى انخفاض معدلات الإنتاج وجودة حبوب البن المحصودة. ويتم زراعة حبوب البن اليمنية على ارتفاع يتراوح من 2000 إلى 3000 قدم فوق مستوى سطح البحر، ويسمح هذا المناخ للمزارعين بإنتاج قهوة عالية الجودة لأنها ليست عرضة للأمراض أو الآفات.

وتتميز حبوب أرابيكا اليمنية بدرجة حموضة منخفضة المرارة وتنتج نكهة لا تحتويها الأصناف الأخرى بفضل تربتها التي تعطي نكهات مميزة للقهوة اليمنية. كما أن قوامها يكون سميكًا بسبب عملية التحميص قبل طحنها إلى مسحوق، مما يجعلها فريدة من نوعها بين أنواع القهوة في جميع أنحاء العالم! ويمكن العثور على هذا المنتج المتخصص في أي مكان من البائعين المحليين في أسواق الشوارع حيث يبيع الناس محاصيل بعضهم البعض.

القهوة اليمنية

انتشار زراعة البن في اليمن

على الرغم من أن منشأ نبتة البن هو إثيوبيا، فإن اليمنيين ابتكروا استخدام حبيباته المتكورة بحجم حبة العنب بعد تحميصها وطحنها وغليها في الماء، لتمنحنا هذا المشروب اللذيذ المنبه، نظراً لاحتوائه على مادة الكافيين بعد أن شقت طريق انتشارها سريعاً في المنطقة والعالم، بفعل تنقل التجار والحجاج اليمنيين حتى بات لا يخلو أي بيت بالعالم من القهوة اليمنية، ومن ثم ظهور المقاهي لتصبح ثاني أكثر السلع تداولاً في العالم بعد النفط الخام.

وتنتشر زراعة البن في اليمن في معظم المحافظات وأشهر مناطق زراعته هي : بني مطر , يافع , حراز , الحيمتين الداخلية والخارجية , برع , بني حماد , عمران ….وغيرها, ويتكون من أشكال وأحجام مختلفة ومن عدة أسماء وأنواع وذلك نسبة إلى المناطق التي يزرع فيها , ومن أشهر أنواع البن اليمني : المطري، اليافعي، الحيمي، الحرازي أو الإسماعيلي، الاهجري المحويتي البرعي، الحمادي، الريمي، الوصابي، الانسي، العديني، الصبري والصعدي.

وتقدر المساحة الزراعية المخصصة للبن حاليا في أنحاء اليمن : 260 ,33 هكتار (إحصاءات وزارة الزراعة) ويزرع في الوديان حيث المناخ الدافئ الرطب وفي السفوح والمدرجات الجبلية على ارتفاعات تتباين من 700-2400متر فوق سطح البحر .

تعتمد آلاف الأسر اليمنية على محصول البن لتنمية مدخولها , حيث يعمل في هذا المجال ما يقارب المليون شخص بدءا من زراعته وحتى تصديره , أما من حيث إنتاج البن فقد ارتفعت كمية إنتاجه نهاية العام 2006م بحسب الإحصاءات الرسمية إلى 292-17 طن , كما بلغت القيمة الإجمالية لمحصول البن المصدر خلال نفس الفترة : 000, 772,136,5 ريال , وبرغم كل العوائق التي تحيط بإنتاج وتجارة البن اليمني.

إلا انه يمكن اعتباره السلعة الرئيسية التي تصدرها اليمن للعالم بعد النفط , ويتم تصدير البن اليمني حاليا إلى دول الخليج والسعودية , والى اليابان والولايات المتحدة وكندا وروسيا وفرنسا وايطاليا والدنمارك وألمانيا وتركيا والهند .

أنواع القهوة اليمنية:

تعرف اليمن تنوع في تحضير القهوة اليمنية لا مثيـل لــه في أي مكان آخر، حيث تتعدَّد أنواع القهوة وطرق تحضيرها. ومن أشهر أنواع القهوة اليمنية نجد:

القهوة العربية السوداء:

يحضر هذا النوع من القهوة في أغلب مناطق اليمن، ويعد أشهر أنواع القهوة اليمنية، ويتم إعداده وفق مكونات تعتمد على أنواع البن المزروعة في المناطق الجبلية لجودتها العالية، وذلك بعد التقشير والتحميص. ويسمى هذا النوع من القهوة “البن الصافي”، وتكون سوداء اللون لتركيز مسحوق البن المحمص، ونادراً ما تكون بلا سكر.

قهوة القشر:

قهوة القشر

يحضر هذا النوع بكثرة في حياة المجتمع اليمني، ولا تزال حتى اليوم مشروب المجالس الأول خصوصاً في الأرياف، حيث يُعد القشر أهم سلعة تجلب من الأسواق المحلية حتى لأبسط الأسر وأقلها دخلاً. وقد وردت قهوة القشر في أجناس الأدب الشعبي شعراً ونثراً وأمثالاً وأغنيات. ولها “قهاوجة” (طهاة) مخصوصون، وكثيراً ما يتعهد كبار السن بأنفسهم إعداد هذه القهوة عبر نقع قشور البن في الماء لوقت طويل. وتوضع القهوة على نار تعد في المواقد المصنوعة من الفخار، ونادراً ما تضاف إليها توابل أخرى كالزنجبيل أو القرفة أو الهال.

القهوة اليمنية الحضرمية

تُقَدّم القهوة اليمنية الحضرمية في الأفراح والمآتم كأبرز مشروب يتناوله الخاصة والعامة على مدار السنة. وتزداد أهميتها، في فصل الشتاء، فهي دافئة تقاوم نزلات البرد والتهاب اللوزتين. وتحضر هذه القهوة من نصف لتر من الماء، ونصف ملعقة من الزنجبيل، وملعقة قرفة مطحونة، ونصف ملعقة هيل مطحون، ونصف كوب سُكَّر بُنِّي، ونصف كوب سُكّر أبيض، ونصف كوب زبيب أسود، وأحياناً كوب عسل طبيعي بدلاً من السكر والزبيب. ثم يتم غلي الماء على نار هادئة مدة نصف ساعة، إلى أن تنحسر كمية الماء ويتحوَّل لون القهوة إلى بُنِّي داكن، ثم تُصفّى إلى الفناجين، عبر مصفاة تصنع كغطاء “للدلة” أو “الجمنة” من عذق النخل، لإمساك الشوائب والقشور.

القهوة اليمنية الصنعانية:

ويتفرع هذا النوع من القهوة اليمنية إلى أنواع عديدة، أشهرها “قهوة الوالدة”، وهي قهوة تعتني النساء بتحضيرها من سُكَّرْ النَباتْ (قطع كبيرة من بلورات السكر)، ويضاف إليها أيضاً شراب “عِنَّابْ”، “برير”، “قِشْر”، “ينسون”، “شمّار”، و”قرفة”.

القهوة البيضانية:

سميت بذلك نسبة لمدينة البيضاء اليمنية، وللونها الأبيض. ويقتضي تحضيرها توخي الدقة في تدرج وضع المكونات: (كأس من السمسم المحمص- ثلاثة إلى أربعة كؤوس ماء- ثلاثة كؤوس حليب مركز- ملعقة هيل- ملعقة قرفة- ملعقة زنجبيل مطحون- كوب أو كوبان سكر، وأحياناً تكون بدون سكر). ويستمر غلي المكونات الأولى لعشر دقائق حتى يتناقص الماء ويتبخر. ثم تضاف كمية الحليب، وتظل فوق النار لخمس دقائق إضافية، ثم تضاف ملعقة من البن المحمص، وتترك على النار أقل من دقيقتين، وتُقَدّم ساخنةً.

القهوة العربية بالتمر:

عرفت شبه الجزيرة العربية ومنها اليمن، قهوة التمر العربية، خصوصاً المناطق الساحلية والسهلية الغنية بزراعة النخيل. وتحضر هذه القهوة من ثلاث حبَّات من التمر المهروس، بيضة، نصف ملعقة فانيليا، نصف ملعقة باكينج باودر، أربع ملاعق من دقيق البر الناعم، ثلاث ملاعق بن متوسط التحميص، ربع ملعقة زنجبيل، وملعقة قرفة. وتخلط هذه المكونات بماء ساخن (كوب) في صاج ذي سطح مصقول زيتي يمنع التصاق القهوة.

القهوة اليمنية

ثم يُصب فوق هذه المكوّنات نصف لتر ماء ساخن، ويغلى على النار لمدة نصف ساعة. وبعد ذلك، يُصب هذا المزيج في دلة تحتوي على ملعقة بن مطحون، وملعقة هال مطحون.

قهوة العسل والذِّرَة:

يسمى هذا النوع من القهوة اليمنية “قهوة علان“، وتروج بشكل خاص في أول موسم الحصاد في مرتفعات اليمن الغربية والمناطق الوسطى، وتحضَّر من البن الأحمر القاني عند بداية نضجه، وحبوب الذرة الرفيعة الخضراء، وكوب من العسل الطبيعي. وغالباً ما يحتسيها الكبار من الرجال.

مواضيع ذات صلة